هل يمكن أن يبدأ القلق والتوتر وحتى الاكتئاب من مائدة الطعام؟ يبدو أن الإجابة "نعم". فالعلاقة بين النظام الغذائي والصحة النفسية أصبحت اليوم موضوع اهتمام علمي متزايد، حيث يشير الخبراء إلى أن الغذاء ليس فقط وقودًا للجسم، بل هو مفتاح أساسي لصحة الدماغ والمشاعر.
عقلك بحاجة إلى تغذية جيدة
تمامًا كما تحتاج عضلاتك للبروتين، يحتاج دماغك لمغذيات معينة ليعمل بكفاءة. حتى المشاعر غير الملموسة مثل السعادة، الحماس، والقدرة على التركيز، تحتاج إلى عناصر غذائية محددة لتتفاعل كيميائيًا داخل الجسم وتؤثر في مزاجك.
يؤكد اخصائيون التغدية أن :
"النظام الغذائي المتوازن والمبني على أطعمة معينة يُعزز إنتاج السيروتونين (هرمون السعادة) والدوبامين (ناقل المتعة العصبي)، وينظم نسبة السكر في الدم، ويدعم صحة الجهاز الهضمي الذي يؤثر بدوره على الحالة النفسية".
ما هي الأطعمة التي تعزز المزاج؟ وماذا يجب أن نتجنّب؟
الأطعمة التي يُنصح بتناولها:
- الأسماك الدهنية، الجوز، بذور الكتان والشيا (مصدر لأوميغا 3).
- الحبوب الكاملة والخضروات الورقية، والبنجر (غنية بالمغنيسيوم والزنك).
- المكسرات مثل اللوز والكاجو.
- اللحوم الخالية من الدهون، والخبز الكامل، والمعكرونة (تحتوي على التريبتوفان، المادة الأولية لإنتاج السيروتونين).
أطعمة يجب تقليلها أو تجنّبها:
- السكريات المكررة مثل الحلويات المعلبة، ورقائق البطاطا، والمشروبات الغازية.
- الدهون المتحوّلة الموجودة في المخبوزات الصناعية، والمارغرين، والمقليات.
تحذير : "الاعتماد الزائد على هذه الأطعمة يسبب التهابات مزمنة، ويزيد من خطر الاكتئاب، ويقلل من الطاقة الذهنية".
ماذا عن الكربوهيدرات مثل البيتزا والمعكرونة؟
إذا كانت مصنوعة من الحبوب الكاملة وقليلة الإضافات، فهي ليست فقط آمنة، بل مفيدة! لأن الكربوهيدرات ترفع مستويات السيروتونين وتُشعرك بالراحة. كما أن الألياف تساعد في تثبيت نسبة السكر في الدم، ما يخفف من نوبات التوتر والعصبية.
بعض الدراسات تشير إلى أن الحميات القليلة الكربوهيدرات قد ترتبط بزيادة أعراض الاكتئاب، لذا يُفضل تناول الكربوهيدرات الصحية باعتدال.
هل الصيام المتقطع مفيد للمزاج؟
قد يكون الصيام المتقطع فعالًا لخسارة الوزن، لكن الاخصائيون يحذرون من أن "البقاء لفترات طويلة دون طعام قد يسبب القلق والانزعاج خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية". لذلك، من الأفضل تناول وجبة خفيفة كل 3-4 ساعات للحفاظ على الطاقة والمزاج.
ماذا عن الـ "Comfort Food"؟
من لا يحب طبقًا دافئًا يذكره بطفولته؟
الطعام المريح مثل الشوربات، الحلويات المنزلية، والمعجنات، يمنح شعورًا فوريًا بالسعادة لأنه يحفّز إفراز الهرمونات المسؤولة عن الراحة.
لكن احذر! الإفراط في تناول هذه الأطعمة كوسيلة للهروب من المشاعر السلبية قد يخلق علاقة غير صحية مع الطعام. التوازن هو المفتاح.
الأعشاب التكيفية: دعم طبيعي للمشاعر
نباتات مثل الجنسنغ، الأشواغاندا، والروديولا تساعد الجسم على التكيّف مع الضغوطات وتنظيم إفراز هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر).
لكن يؤكد الاخصائيون على أنها رغم أنها طبيعية، يجب دائما استشارة الطبيب قبل تناولها، خاصة لمن يعاني من أمراض مزمنة أو يتناول أدوية.
كيف تبدأ رحلة التغذية النفسية؟
ابدأ بإضافة وليس بالحرمان!
ركز على إدخال الفواكه الطازجة، الخضروات، المكسرات، والبذور في نظامك اليومي. وتذكر: خذ وقتك أثناء الأكل، وكن واعيًا لشعورك بالجوع والشبع.
المـــــراجــــــــع:
- "Food and mood: how do diet and nutrition affect mental wellbeing?"
دراسة علمية من مجلة BMJ تستكشف كيف يمكن أن يؤثر النظام الغذائي—وخاصة الحميات الصحية مثل الحمية المتوسطية—في تحسين المزاج والوقاية من التقلبات النفسية. ضرورية لكل قلب يبحث عن صفاء وعافية. (PMC) - "The Effects of Dietary Improvement on Symptoms of Depression and Anxiety"
تحليل منهجي وتلوي لعدد من الدراسات التي بينت أن تعديل النظام الغذائي يمكن أن يُقلّل أعراض الاكتئاب، خصوصًا لدى النساء. صورة واضحة عن كيف يمكن لطبق متوازن أن يكون بوابة للهروب من تعب النفس. (PMC) - "Association Between Dietary Habits and Depression: A Systematic Review"
مراجعة شاملة تشير إلى أن الممارسات الغذائية الصحية مرتبطة بانخفاض أعراض الاكتئاب، مما يُظهر أن الغذاء قد يكون درعًا واقيًا لحالة النفس. (PMC) - "How Food Affects Your Mood" – Mass General Brigham
مقال طبي يُبرز الرابط القوي بين الطعام وطاقة الجسم والمزاج العصري، ويشرح دور التوازن في مستويات السكر والالتهاب في تهدئة التهيّج وتحقيق التوازن الداخلي. (massgeneralbrigham.org) - "The Powerful Link Between Nutrition and Mental Health" – McLean Hospital
عرض مؤثر يوضح لنا كيف أن تحسين تغذيتنا يساهم مباشرةً في دعم صحتنا النفسية، لأن العقل أيضًا بحاجة لأن يُغذى بجودة—كما تغذّى الجسد. (mcleanhospital.org)